الانقلاب في تركيا .. هل من دروس ؟

ماجرى في تركيا يجب أن يعلمنا أن النزالات السياسية مهما بلغ الاختصام مكانها صناديق الاقتراع وفي أقصى الحالات ساحات التظاهرات والاعتصامات ولا يخدم أحدا أن تتحول إلى اشتباك بالأسلحة الثقيلة أو الخفيفة ! عقلية الانقلابات والازالة والالغاء التي يتمتع بها العرب قاطبة تعود لزمن القبائل ولاتصلح للسياسة في هذا الزمن ! قبل أيام فقط هز حدث ضخم بلدا مفصليا هو بريطانيا عندما قرر مايزيد بقليل فقط على نصف مصوتيها مغادرة كيان سياسي واقتصادي يربطها بالقارة لعقود خلت .. احترم قادتها القرار وامهلوا خصومهم السياسيين حتى اختاروا من سيحل مكانهم ثم رحلوا بصمت وهدوء ! بينما يمكن أن تحكمنا لعقود أحزاب تطلق على نفسها في دستورها صفة “انقلابية” ويجري تدريس انقلابيتها للأطفال في المدارس !!

عندما انهارت يوغسلافيا السابقة كنتيجة لتغير موازين القوى الدولية نشبت حرب طاحنة بين مكوناتها وتمثلت بشكل خاص في البوسنة التي مزقها الاستقطاب الدولي واحترب مسلموها وصربها الارثوذكس وكرواتها الكاثوليك حتى أكل بعضهم بعضا بشهادة بعض الناجين ! ووصل الأمر لتشكيل دويلات لكل منهم فكان صرب البوسنة وكروات البوسنة وغيرهم ! ولكنهم عندما أدركوا أن لا امكانية ﻷن يلغي بعضهم الآخر احتكموا أخيرا إلى الديمقراطية واختاروا نموذجا يتعاقب فيه على قيادة الدولة بشكل دوري مسلم وصربي وكرواتي .. فساد السلام.

للأسف أثبتنا كسوريين أن وعينا السياسي لازال أدنى وأقل نضجا من أن ينتج أي صيغة للتسوية كما فعل البوسنيون ! وأننا قادرون ولسنوات قادمة على اجترار الالغاء والقمع والتقسيم والكوارث التي ألمت وتلم بنا طوال خمس سنوات.
لا أستثني .. سوى قلة من العقلاء.